قصيدة الشاعر/ صالح احمد سحلول

إلهي لك الحمد الجزيل الذي وجب


قصيده بعنوان "ثـــــورة الغضـــب" قالها أثناء العدوان الأميركي على العراق ونشرت عام 1992م

.............

إلهي لك الحمد الجزيل الذي وجب
على عبد مُخطئ اعترف بالخطأ وتاب

وبك نستعيذ من كلّ غاسق إذا وَقَب
ومن شرّ ما تخلق من الناس والدواب

أبو جبر قال النوم من اعينه هرب
وقلبي من الكربه تقطع ألم وذاب

ودمي نشف في الجسم وانهارت العصب
وضاقت بنا الدنيا وآفاقها الرحاب

فلا تسألوني يا عرب ما هو السبب
فتتفجر أورادي ويتفجر الإهاب

فأنتم سبب آلامنا وانتو الذرب
ومصدر عيا القلب الذي داخل الحجاب

ورغم الألم في قلب سحلول والكرب
فقد عاد شعري بعد أن طول الغياب

فقلنا علومك قال حدد لي الطلب
فقلت احكِ لي من أول أحداث شهر آب

فألَّف قصيدة اسمها ثورة الغضب
ومعذور إن أخطأ ومشكور إن أصاب

بدأها بما قال فارس القوم والأدب
إذا مِتُّ ظمآناً فلا أمطرت سحاب

عرب يا عرب قلدكم الله يا عرب
لماذا تضاربتوا وشططتوا الجراب

وأدخلتوا الأعداء إلى حائط العنب
وخليتوا الجندب صرب زرعكم صراب

لصالح من أنفقتوا قناطير من ذهب
وعملات نقدية مبالغ بلا حساب

فما كان ضر الكاف لو أنه اجتنب
صراعه مع بغداد والفخر والعتاب

لما كان غزو الجار للجار يرتقب
ولا كان أصاب الناس من الشر ما أصاب

ومش مشكلة لو أن مولى السمو وهب
عُشر عِشر مما راح وأرضى به الصحاب

وما كان ضر الغزو لو أنه انسحب
قبيل المعارك با يكون أشرف انسحاب

لكان اغتنم حب الجماهير واكتسب
وقار الدول واسلم بلاده من الخراب

وما كان أشرفنا لو القاده العرب
لحل القضية رفعوا الروس والرِّقَاب

ولكن أصحاب الزعامات والرُّتَب
شبيه النعامة دسُّوا الروس في التراب

لحتى السلاح الغربي أمريكي التهب
فأخرس لسان المدَّعي والذي أجاب

إذاً فلنقول هذا الذي ربنا كتب
لنا يا عرب والله يكتب لنا الثواب

أبيتوا تؤدوا شكر ما ربكم وهب
لكم يا عرب حتى استحقيتوا العقاب

وما هو بعاجز أن يصب العقاب صب
على من دعاه إبليس للشر فاستجاب

لصالح مَن التدمير والقتل في رجب؟
أحد أشهر الله الحُرُم أشهر المتاب

غلطتوا في المحسب وفرغتوا الجعب
ولم تحرزوا مكسب سوى الشتم والسباب

وناقتكم الدسمه حلبها الذي حلب
وعاد اللبن في شكل نيران والتهاب

فما أحقر المكسب وما أكثر التعب
وما أتفه المطلب وما أعظم المصاب

إذاً عظَّم الله أجركم يا أبا لهب
وأحسن عزانا والجزاء واحسن المآب

شرف بعضنا يُحمل على نعش من خشب
وبعض العرب يرقص على نغمة الرباب

أخي التائه المعجب أنا وأنت في دبب
وكل العرب في سجن مالهش أي باب

فلا يضحك الأحدب على صاحب الكنب
وهو مثل أخوه يحمل على ظهره الزهاب

فمن يفرح أو يعجب إذا جاره انتكب
فلا بد له أن ينتكب أسوأ انتكاب

وصرف العرب من جيب واحد ومن مَسَب
بصرف النظر عن ذاك هاشم وذا شهاب

مَن الرابح الأول من الحرب يا عرب؟
ألا إنها إسرائيل دون أي ارتياب

صليبية المطلب قريظية النسب
مجوسية المذهب أوربية الحساب

إذا ما خدمتوها وحققتوا الإرب
فلابد تكنسكم كما يكنس الذباب

ففي قلبها حقد أم حمَّالة الحطب
على حمزه القاتل أبوها اكبر الكلاب

فويل العرب من يوم شره قد اقترب
إذا لم يكن حاكمهم الشرع والكتاب

ويتوحدوا من خلف طنجه إلى حلب
وإن كانت الوحده لَمِن أصعب الصعاب

فحقد الصليبيين ذي طالما احتجب
كشف من خلال الحرب عن وجهه النقاب

وقلب الأسد عوَّد إلى ساحة الرّحب
بخيله وفرسانه وبالهجن والركاب

لأن التعاون بيننا غير مُستحب
وحب الزّعامه مصدر الشر والسياب

ومن أجل حب الذّات عِزَّ الشعوب
ذهب وآمالهم وأحلامهم أصبحت سراب

وتاريخنا الأبيض مدى الدهر والحقب
تحول إلى تاريخ أسود من الغراب

كفتنا المقالات والخطابات والخُطَب
انا لم أعد مؤمن بخطبة ولا خطاب

فأي الشعوب أسهم بماله وما كسب؟
لدحر الصليبيين إيمان واحتساب؟

وأي الشعوب خاض القتال الذي نشب؟
وأي الشعوب أضرب عن الأكل والشراب؟

وأي الشعوب الراكعه ثار وانقلب؟
على أعدائه أو حاول قيامه بانقلاب؟

لأن الشعوب أضحت عبارة عن الجلب
ورعيانها أضحوا عبارة عن الذئاب

ورأي الشعوب مفقود والحكم مغتصب
بأسلوب إرهابي ودون أي انتخاب

صدق ما كذب من قال إن العرب جرب
ومن عيبهم لا يتقوا فعل ما يُعاب

فلولا وثوب جيش العراق الذي وثب
لما كان بعد اليوم يحسب لنا حساب

ومهما العدو خرب وبالطائرات ضرب
مدنها وأنزلها مع أهلها تراب

فإن العروبة تعتبر كل ما اخترب
وسام الشرف والمجد للشيب والشباب

أخي في العروبة لا غرابه ولا عجب
مِن أرنب نراه اصطاده الباز والعقاب

ولا من سمك في البحر يصطاده الجلب
ولا من ضباء يصطادها القوس والنشاب

أنا مندهش من ليث تصطاده العُقب
فصيد العُقب للّيث من أعجب العجاب

ومبهور من عصر العلوم الذي ارتكب
جرائم وألقى العلم إرهاب واغتصاب

وحوَّل سلام الناس من سلم إلى شغب
ومن أمن واستقرار إلى خوف واضطراب

وعلمه وتعليمه على أعينه عصب
فأضحى الصواب عنده خطأ والخطأ صواب

وأضحى الذَّنَب في الرأس والأنف في الذَّنَب
وصار الثواب كالذَّنْب والذَّنْب كالثواب

لهذا السبب أمن البشر خاف واضطرب
وخاب الأمل في مجلس الأمن ثم خاب

فلا غرو إذا ما العالم الثالث انسحب
من المجلس الغربي وعنه ابتعد وغاب

فأمريكه المجلس وما قررت كتب
وتصويتها الأغلب ومندوبها النصاب

لقد فوجئ العالم بطاهش قذر وثب
شرس مفترس له ألف مخلب وألف ناب

غداً سوف يتحكم على ثروة العرب
ويلقي حقول أرض العرب للوحوش غاب

ويطرح بها مليون لوحة بها كتب
خطر يا عرب بترول ممنوع الاقتراب

ومادمت أسمع ضجة الغرب والصخب
عن الأمن أجيبوا يا وحوش الخلا الغضاب

فعندي سؤال اقبب من المر والعبب
يكمم ويخرس ألسنتكم عن الجواب

متى الأمن في أرض العرب يوماً استتب؟
أفي القدس أم في سهل لبنان والهضاب؟

هل الأمن في غزه أم الأمن في النَّقَب؟
أم الأمن في أرض الخليج والعراق طاب؟

هل الأمن معناه أن أمن الورى ارتعب
وأصبح مهدد بالبنادق وبالحراب؟

هل الأمن معناه الصواريخ واللهب؟
أم الطائرات ذي سدت الجو كالضباب؟

هل الأمن قتل أبناء فلسطين يا عَيَب؟
وإرهابهم والضرب والسجن والعذاب؟!

|ذا كان هذا أمن فتباً لكم وتب
ومن صدَّق الأعداء له الويل والتباب

ومن ظن أن الشجب ينفع فقد كذب
فسيف الجهاد أمضى وأصدق من الكتاب

فماذا أفاد تنديد أو شجب من شجب؟
طوال (40) عام والعرب عاب قال واب

وأبناء فلسطين في مآسي وفي تعب
وفأس العدو في الروس والسيف في الرقاب

فهل من أمل في وحدة الصف يا عرب
وفي عودة القاده إلى الرشد والصواب؟

وإلا فموتوا واذهبوا بعد من ذهب
وأموالكم تذهب ذهاباً بلا إياب

فلا خير في الثروات والمال إن جلب
لنا المسكنة والخزي والعار والخراب

نصلى على أطيب وأغلى العرب حسب
محمد حبيب الرب والآل والصحاب

فهم خير من جاهد وهم خير من غلب
جحافل أعاديهم وهم خير من أناب

............
زودنا بالقصيدة الشاعر أبو ليث الزُبيدي

إرسال تعليق

0 تعليقات